الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

نزهة مرتجلة




عندما يجي المساء، وتبدو أنك عزفت نهائياً عن الخروج، عندما تكون ارتديت مبذلك، عندما تكون جلست بعد العشاء إلى الطاولة المضاءة كي تنصرف لهذا العمل أو تلك اللعبة..وبعدها تنام كما جرت العادة،

عندما يكون الطقس فظيعاً في الخارج، فما من سبيل إلا أن تقبع في بيتك.


عندما تجلس، فضلاً عن ذلك مدة طويلة، كي لا تثير دهشة الناس جميعاً إذا خرجت، عندما يغرق مهبط الدرج في الظلمة ويوضع التراج على باب المدخل،

عندما تنهض آنئذ بالرغم من كل شيء في إحساس عنيف بالضيق، فتبدل سترتك ، وتظهر حالاً في ثياب المدنية وانت تعلن- وهو ما نصنع بعد وداع قصير- أنك مضطر للخروج.

وقد تخيلت تبعاً للعجلة التي صفقت بها الباب أنك أدرت ظهرك لقليل أو كثير من السخط،

عندما تجدك في الشارع وفي أعضائك مرونة خاصة تستجيب إلى ما منحته من حرية لم تكن تأمل بها، عندما تحس أنه قد اجتمع في هذا القرار كل طاقتك على التقرير،

عندما تدرك أنك تضفي على نفسك أهمية أشد مما في الزمن العادي، وأنك أكثر قوة مما يقتضيه المقام بهذا التبدل المتسارع، وفي سهولة هى نفس سهولة احتماله،
-
عندما تكون قطعت نهائياً وطيلة السهرة مع عائلتك، التي تدلج في العدم ، نتيجة لهذا الانقلاب وتستغل الحالتين فتصل أنت في وضوح باهر، إلى عظمتك الحقيقية.

وتكون هذه العظمة أعظم،، عندما تزور صديقاً، في هذه الساعة المتأخرة ليلاً، كى تسأل عن أخباره!

فرانتس كافكا






الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

آرنولد وبستانه



إلى حد ما..إني أرى النور، وبداخله بستان من أشجار شقت أغصانها بداخله لكن الظلمة دوماً أفضل للشجرة الأولى بالبستان حيث أن النور يجعلها في مجال الرؤية، ستدهس أو ستسحق بقدم طفل أو عجوز أو مخمور.

كانت لتطيب الحياة لو أن البستان لم يكن بمجال الرؤية، لكن كيف وصاحبه يريد بأن يتباهى أمام جاره "ش" و قريبه "م" والشجرة الأولى هى دوماً من تكون الملجأ عندما يسند عليها كتف مسافر قادم من ريف دافيء لمدينة حارقة ، أو يرمي أحدهم ممن يحتقرون الحديث عمن يشترون الورود علبة مياة غازية في وجهها،  يمتقع وجهه ويطلق الهواء الكحولي الساحق من فمه وأنفه  بكل السخرية من هؤلاء الممثلين السذج الذين يعتقدون أن الحب كلمة تقال أو وردة تقطع من بستان هذا الرجل السمين، نحن نصدق هذا الوغد على الرغم من كرهنا له، ولا ننسى قوله: "  القلب ما هو إلا حجر يتفتت عندما تظهر تعاطفك نحو الآخرين".

 
آه لو أن المطر يأتي معتدلاً لا كثيفاً ولا قليلاً، ربما يغطى البستان بغطاء من البلاستيك من قبل آرنولد السمين، على كل حال لن نطلب منه أن نذهب في نزهة قريبة من هنا أو أن يضع بعضاً من السكر في الماء الذي ينهمر على رأسنا كل صباح.

 
المهم أن يبقينا أحياء فنحن في هذا العالم نخشى من شيئين أن يقطعنا أحد العابرين سواء بعبثية أو بشاعرية، في النهاية سينهي حياتنا لكن الأفضل أن نموت بالطريقة الثانية على الأولى، ونخشى أيضاً من حذاء أرنولد الضخم الذي أنهى حياة بعض الأصدقاء هنا دون قصد.

 
عفواً لن أعرفكم بنفسي..ليس لي اسم ولا موطن ولا سجلات، لكني صديق للرياح وعاشق للمطر وما هذا الجذر الذي تحتي سوى مسمار أريد التخلص منه.

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

المعمار العربي، و أزمة أن لا تكون متفرداً





أعتقد أننا أحد أكثر الأجيال حظاً في تواجد الكثير من وسائل وطرق الترفية وأصبح يمكن للإنسان مثلاً في حالة وجود 6 ساعات من الفراغ في يومه أن يقوم بقضاء وعمل العديد من الأشياء لكن في الغالب فهناك أزمة -النمطية- لدى كثير منا، فالشاب يأكل نفس الطعام الذي يأكله قرينه في أمريكا أو ألمانيا مثلاً بفضل مطاعم الوجبات الجاهزة، يرتدي نفس الزي ويسمع نفس النوع من الموسيقى، وربما يكون لهذا الأمر تفسير تجاري مقبول بفضل الأمور التسويقية والدعائية.

لكن ما لا يفهم أن النمطية طالت أيضاً أثاث ومعمار البيوت في البلاد العربية، فأصبحت هناك عولمة حتى في المعمار والأثاث داخل بيوتنا، قوالب سكنية جاهزة تشبه بعضها، من دون أي صبغة أو لمحة فيها فأصبح الكرسي مثلاً مجرد أداة وظيفية وقطع الأثاث الخالية من الزخارف أو النقوش التي تتجاوز هذا الغرض الوظيفي لقطعة الأثاث لما هو أبعد فتربي الانتماء لعالمك وشخصيتك الخاصة.

البعض ارتضى فكرة أن يصبح لديه بيت على الطراز الأميركي أو الأوروبي-وحتى- لو كان الأخير جميلاً فهو يعبر عن عالم الغير وليس عالمك الخاص، والعجيب أن البعض يعتقد أن المعمار العربي الإسلامي يكلف الكثير- وذلك لأن أكثر من يهتم به الآن هم السياح الأجانب-، ولا يعلم أنه يمكن لك أن ترسم نقشاً على قطعة من الرخام بواسطة "الشنيور" فقط.

وهنا يجب أن نذكر رأي يتبناه مجموعة كبيرة من الناس بأنه لا يحتاج لتلك الرومانسية أو إعادة تحويل شخصية بيته لأن الحياة داخل البيت بالنسبة له لا تتطلب سوى أشياء وظيفية ليست لها أي بعد فني، ويمكن أن نقدر وجهة النظر تلك مع أن المرء يعيش داخل بيته أكثر من ثلثي عمره وربما يرحل عنه لغيره من دون أن يجد أي تغير أو انتماء لما سبقه بسبب القوالب السكنية الجاهزة في العصر الحديث!؟؟