الإنسان بطبعه كائن يحب الخيلاء والتفوق على أقرانه وهذه من طبائع الأمور، لكن عندما دخلت الآلة الإعلامية الشرسة من صحافة وتلفزيون وإنترنت أصبح الأمر أكثر تسارعاً وتصارعاً.. ولديك فئات عديدة تتشارك بإختلاف الطبقات والرؤى والأفكار في تلك العملية فبعد أن كانت الصحف تُعد على أصابع اليد الواحدة حتى في أوروبا انتهى الأمر لوجود العشرات بل والمئات من المجلات والجرائد اليومية والأسبوعية والطبعات المختلفة على مدار اليوم الإضافة لفضاء الإنترنت الواسع الذي كفل مهن عديدة لقطاع جديد يسمى بالصحافة الألكترونية، ويعتبر الإنترنت أكثر الوسائل قدرة على إستيعاب مشاركة كافة الطوائف والمستويات الفكرية والعلمية به..
رغم أن التلفزيون مازال المتصدر في مجال العروض والأخبار المباشرة بصوت وصورة.
كل هذه الأدوات اجتمعت لتتيح ما يمكن أن يقال بالثراء الغير مادي إنما بثراء الألسن والعيون فنجد اسم قتيل أو مقتول أو سياسي على كل الألسن بالشوارع والمقاهي والبيوت، أو تحليل وتعقيب ساخن لأحد الكتاب أو الشخصيات المشهورة في تلك القضية الساخنة أو هذا الحدث المرتقب..مما عزز ذلك من ثقافة الكيتش kitch
والتي تسببت في التوازانات الغير شريفة وربما الغير منطقية- في أغلب الأحيان- والتي تتعامل مع الحوادث الوقتية من أجل الوصول للهدف وهو كسب تأييد أكبر طوائف وتيارات المجتمع على إختلافها وتنوعها وتناحرها فيما بينهم.. مدمنو الكيتش موجودين دوماً ليحتلوا الواجهة والصورة بطرح يرضي هذا وذاك وحتى الغير مهتم!.
يقول هيرمان بروخ عن تلك الثقافة التي بدأت في الظهور بأوروبا في بدايات القرن العشرين وتضخمت بمرور الوقت في جميع أنحاء العالم خاصة في الدول المتأخرة: " تشير كلمة الكيتش إلى موقف من يريد أن يثير الإعجاب بأي ثمن ولأكبر عدد من الناس - لاحظ كلمة بأي ثمن-، ولكي تثير الإعجاب لابد من التأكيد على ما يريد كل الناس سماعه، وأن تكون في خدمة الأفكار المُسبقة إلى لغة الجمال والانفعال فهو يستدر دموع عطفنا على أنفسنا وعلى كل ما نفكره ونشعر به من أمور مبتذلة".
أما الكاتب التشيكي ميلان كونديرا فيضيف من عنده لتحليل بروخ بعد خمسين سنة: " ونظراً للضرورة القصوى لإثارة الإعجاب وبالتالي حصر أكبر عدد ممكن من الناس فإن جمالية وسائط الإعلام الجماهيري هى جمالية الكيتش التي لا مفرّ منها، ويقدر ما تعانق وسائل الإعلام الجماهيرية وتعانق حياتنا بقدر ما يصير الكيتش جماليتنا وأخلاقنا اليومية".
ويثير كونديرا تلك النقطة فيؤكد فشل "الحداثة" تحت تأثير تلك المفاهيم الرجعية للقرن العشرين والتي يتهم فيها كتاب القرن الثامن عشر زوراً: " الحداثة تعني ثورة غير امتثالية ضد الأفكار المسبقة، أما اليوم فالحداثة تختلط مع الحيوية الإعلامية الجماهيرية الضخمة وأن تكون حديثاً اليوم يعني أن تكون على علم بما يفكر كل هؤلاء الناس.. لكي تكون مماثلاً وأن تكون أكثر مماثلة من كل من حولك ممن يماثلون، لقد لبست الحداثة ثوب الكيتش".
ونعود إلى كلمة فرانسوا رابليه رائد فن الرواية الذي ذكر كلمة " agelaste" بالفرنسية
وهى تعني "الجلف" وجمعها أجلاف وهم من يرون أن الحقيقة واضحة وأن على كل الناس أن يفكروا بنفس أفكارهم- فما بالك عندما ترتدي هذه الأفكار ثوب القدسية أو رداء التوازنات الإقتصادية الهشة والنظريات الغير مكتملة-، ونحن الآن ربما في فورة التغيير بالعالم
العربي نعيش نفس القصة الغير قابلة النهاية، والسياسيون يتناحرون ربما بأساليب براجماتية أو بإنفعالية لإثارة مشاعر الأقل إدراكاً
واحتضان الأجلاف - ربما بعبارة أكثر عصرية الإنفعاليين أو المتعصبين- من التيارات المختلفة ببعض المصطلحات مثل : لا مساس بالمادة كذا ، وأننا سنوفر نظام إقتصادي عادل وسنقوم بتوزيع الدخل القومي بالشكل الأمثل" وذلك بدون طرح سياسات أو تفصيل البرنامج بذكر كيفية إدخال الموارد وكيف سيصل الدعم للمواطن وما هى الطريقة لتأمين تحصيل الضرائب وهل ستلغى بعض القوانين التي يراها بعض العارفين بالامور مجحفة أم لا، أو ما هى الرؤية الواضحة لتناحر التيارات الدينية والعلمانية أو الإشتراكية والليبرالية أو الرأسمالية.. المطالبة بالمدنية أو بشرع الخاصة دون الجميع.
إنهم فقط يكتفون برص المصطلحات والكلمات العذبة الخيالية مع إثارة الإنفعالات واللعب على الألة الإعلامية الشرسة للوصول للهدف من خلال صناديق الانتخابات وهذه هى الديموقراطية!.. سواء بإستخدام الدين فيما لا يستخدم أو اللعب بشعارات الجنة الموعودة على الأرض للكادحين، وبين هذا وذاك نجد وحتى الآن أنهم يبيعون الهواء لنا.
ومازلنا نعيش عصور ما قبل الحداثة إذا ما سلمنا عقولنا للرجعيين..وطبقنا المعادلات التي تعادي الإنسان، ويبقى السياسيين هم فرس الرهان في تلك اللعبة المتموجة.
...أهلا بكم في عالم التوازنات القح
رغم أن التلفزيون مازال المتصدر في مجال العروض والأخبار المباشرة بصوت وصورة.
كل هذه الأدوات اجتمعت لتتيح ما يمكن أن يقال بالثراء الغير مادي إنما بثراء الألسن والعيون فنجد اسم قتيل أو مقتول أو سياسي على كل الألسن بالشوارع والمقاهي والبيوت، أو تحليل وتعقيب ساخن لأحد الكتاب أو الشخصيات المشهورة في تلك القضية الساخنة أو هذا الحدث المرتقب..مما عزز ذلك من ثقافة الكيتش kitch
والتي تسببت في التوازانات الغير شريفة وربما الغير منطقية- في أغلب الأحيان- والتي تتعامل مع الحوادث الوقتية من أجل الوصول للهدف وهو كسب تأييد أكبر طوائف وتيارات المجتمع على إختلافها وتنوعها وتناحرها فيما بينهم.. مدمنو الكيتش موجودين دوماً ليحتلوا الواجهة والصورة بطرح يرضي هذا وذاك وحتى الغير مهتم!.
يقول هيرمان بروخ عن تلك الثقافة التي بدأت في الظهور بأوروبا في بدايات القرن العشرين وتضخمت بمرور الوقت في جميع أنحاء العالم خاصة في الدول المتأخرة: " تشير كلمة الكيتش إلى موقف من يريد أن يثير الإعجاب بأي ثمن ولأكبر عدد من الناس - لاحظ كلمة بأي ثمن-، ولكي تثير الإعجاب لابد من التأكيد على ما يريد كل الناس سماعه، وأن تكون في خدمة الأفكار المُسبقة إلى لغة الجمال والانفعال فهو يستدر دموع عطفنا على أنفسنا وعلى كل ما نفكره ونشعر به من أمور مبتذلة".
أما الكاتب التشيكي ميلان كونديرا فيضيف من عنده لتحليل بروخ بعد خمسين سنة: " ونظراً للضرورة القصوى لإثارة الإعجاب وبالتالي حصر أكبر عدد ممكن من الناس فإن جمالية وسائط الإعلام الجماهيري هى جمالية الكيتش التي لا مفرّ منها، ويقدر ما تعانق وسائل الإعلام الجماهيرية وتعانق حياتنا بقدر ما يصير الكيتش جماليتنا وأخلاقنا اليومية".
ويثير كونديرا تلك النقطة فيؤكد فشل "الحداثة" تحت تأثير تلك المفاهيم الرجعية للقرن العشرين والتي يتهم فيها كتاب القرن الثامن عشر زوراً: " الحداثة تعني ثورة غير امتثالية ضد الأفكار المسبقة، أما اليوم فالحداثة تختلط مع الحيوية الإعلامية الجماهيرية الضخمة وأن تكون حديثاً اليوم يعني أن تكون على علم بما يفكر كل هؤلاء الناس.. لكي تكون مماثلاً وأن تكون أكثر مماثلة من كل من حولك ممن يماثلون، لقد لبست الحداثة ثوب الكيتش".
ونعود إلى كلمة فرانسوا رابليه رائد فن الرواية الذي ذكر كلمة " agelaste" بالفرنسية
وهى تعني "الجلف" وجمعها أجلاف وهم من يرون أن الحقيقة واضحة وأن على كل الناس أن يفكروا بنفس أفكارهم- فما بالك عندما ترتدي هذه الأفكار ثوب القدسية أو رداء التوازنات الإقتصادية الهشة والنظريات الغير مكتملة-، ونحن الآن ربما في فورة التغيير بالعالم
العربي نعيش نفس القصة الغير قابلة النهاية، والسياسيون يتناحرون ربما بأساليب براجماتية أو بإنفعالية لإثارة مشاعر الأقل إدراكاً
واحتضان الأجلاف - ربما بعبارة أكثر عصرية الإنفعاليين أو المتعصبين- من التيارات المختلفة ببعض المصطلحات مثل : لا مساس بالمادة كذا ، وأننا سنوفر نظام إقتصادي عادل وسنقوم بتوزيع الدخل القومي بالشكل الأمثل" وذلك بدون طرح سياسات أو تفصيل البرنامج بذكر كيفية إدخال الموارد وكيف سيصل الدعم للمواطن وما هى الطريقة لتأمين تحصيل الضرائب وهل ستلغى بعض القوانين التي يراها بعض العارفين بالامور مجحفة أم لا، أو ما هى الرؤية الواضحة لتناحر التيارات الدينية والعلمانية أو الإشتراكية والليبرالية أو الرأسمالية.. المطالبة بالمدنية أو بشرع الخاصة دون الجميع.
إنهم فقط يكتفون برص المصطلحات والكلمات العذبة الخيالية مع إثارة الإنفعالات واللعب على الألة الإعلامية الشرسة للوصول للهدف من خلال صناديق الانتخابات وهذه هى الديموقراطية!.. سواء بإستخدام الدين فيما لا يستخدم أو اللعب بشعارات الجنة الموعودة على الأرض للكادحين، وبين هذا وذاك نجد وحتى الآن أنهم يبيعون الهواء لنا.
ومازلنا نعيش عصور ما قبل الحداثة إذا ما سلمنا عقولنا للرجعيين..وطبقنا المعادلات التي تعادي الإنسان، ويبقى السياسيين هم فرس الرهان في تلك اللعبة المتموجة.
...أهلا بكم في عالم التوازنات القح